الاثنين، 7 مايو 2012

بين نائل عمران & سراب عفّان .. في يومياتها لجبرا


ترى ما فحوى تلك الاصوت المغرية؟ ما الذي تقوله الملائكة في أغنيتها وقد طوت أجنحتها على أجسامها الأثيرية، وأحلامها المستحيلة ؟ أتقول إن عليّ أن أحب، مثلاً؟ ولماذا لا أحبّ؟ ولكن من هو الذي يجب أن أحبّ، أو من هو الذي يجعلني أقطع البراري حافية القدمين كي أرى وجهه، وأسمع همسه؟ سأحبّ! سأعلن لنفسي أنني وقعت في هوى لا أعرف دربي معه! سأقول أنني عاشقة !


هذه هي المقدمة التي بدأت منها سراب حكايتها في البحث عن عشيق لها .. وبدأت معها قصتي .. سريالية جبرا ابراهيم جبرا في سرد هذه الرواية أهدشتني حدّ التعب .. رغم أنني قرأتها منذ فترة بعيده إلا أنني أعيد سردها على ذاكرتي دوماً وكأن سراب عفّان تنزّ على ذاكرتي وبقوه أن أعايشها يومياتها وعشقها لكاتب ما لم تعرفه إلا من خلال كتاب المرايا والذي بدأت معه الدخول فيها من خلال شرائها لتلك الرواية والصحوُ والنوم عليها ..

سراب : فتاة عشرينية أنيقة الفكر .. مشاكسة الروح .. حيوية الخيال.. اختلقت من وحي خيالها " رندة الجوزي " التي كانت سراب الآخرى العاقلة التي كانت طالما تنبهها من الخطأ وتوصيها وكأنها أختها الكبرى – إن أحبت سراب – أو ضميرها الحي ! تناقض الفكر بين سراب نفسها ورندة الجوزي يعطينا الدافع الأكبر لنعرف أن القاص " جبرا" أعطانا واقعاً نعيشه كلنا ولا نعيه .. باطننا الحي الذي يفكر.. و أعمالنا الواقعية التي نفعلها عن دافع غير مسبق.. حتى تصل سراب لنائل .. يجب أن تختلق الصُدف التي أُحب ..وتحب ! .. تتصل بنائل وتبدأ معه قصتها النسوية الشريرة الجميلة حتى تجذب نائل لخيالها بمناقشة مراياه .. وتبدأ الحكايا.

نائل : كاتب مرموق .. في ذاكرة ميتة وروح كانت قد دُفنت مع زوجته الراحلة .. اصدر آخر كتاباته ( الدخول في المرايا) ولكنني على يقين بأنه كان ( الدخول إلى عالم سراب ) .. تثيره تلك الفتاة العشرينية بدافعيتها اللا مسبوقة .. والتي بدورها تنتشي نائل من بقايا الموت الذي كان به إلى عالم الحب والعشق .. وكانت أول جملة كتبها نائل لها : إلى سراب أشدًّ بريقاً من المرايا ..

وتبدأ المواعدات واللقاءات بينهما والحب الذي وصفته سراب : ليس في يومياتي إلّا أن أكتب عنه وعني دون أيّ انسان آخر ، ما لا يتصل به لا يهمني !
يعيدنا جبرا من واقع الحب والعشق التي كبر في سراب ونائل وأًصبحا لا يفترقان إلا عندما تقرر سراب نفسها ذلك على موعد لم يكن ليعرفه سواها .. لتسافر بعيداً إلى بلاد لا يعرفها نائل .. ولا حتى أقرب الناس إليها – رندة الجوزي – سراب قررت من نظرة أهلها أن تكمل دراستها ! .. " وهل يعقل أن تبتعد عن نائل فجأة، لتكمل دراستها ؟!"
سرا ب: تلك المسافرة إلى البعيد .. تترك نائل في حيرة كبيرة .. ليصادفها يوماً وقد استعارت من الغرب اسماً جديداً لها "سلوى".. وغيّرت في هيئتها لأنها على يقين بأن نائل ذاك الهائم بسراب سيراها يوماً وستهوي هي ،ولكن سراب هي التي تتحكم بعقلها وليس  قلبها – لتقول له : لستُ سراب !! وكيف لعاشقِ ان ينسى قبلة المحبوبة... وتفاصيل وجهها في وجهه " الله ! لا يمكن أن تكوني سراب! "

قررت العمل الفدائي .. وأطاحت بكل الحب الذي امتكلته لنائل ولصديقتها المقرّبه – رندة – لتقوم بعمل أكبر من أي شيء .. أن تقدم حياتها فداء لوطنها..
أيًّ سراب !! " وكل ما أفعله إنما يصب فيي النهاية في الانتفاضة نفسها، في ثورة الحجارة، هذه الثورة التي أذهلت العالم."

وتنبه لشيء ما كان من الضروري أن تقوله وكأنها توحّدت مع رنده اجوزي للحظة: "ألا ترى، نائل، أنني ما قررت أن أجابه الموت إلّا بملء إرادتي، وأنا في القمّة من صحوي الفكري، وصحوة الجسدي؟

واختم بشيء من سراب :

وبين أحزاننا ومخاوفنا، بين مآسينا اليومية وتوقعاتنا الفاجعة، أنا كم يبحث عن خيط من لحن، من عزف مجهول يصالحني مع هذه الأحزان والفواجع. ولكن كيف للإنسان أن يتصالح مع الألم إلّا بقهره عن طريق فعلِ ما؟ إنني أبحث عمّا يشبه تلك الموسيقى الصاخبة بأنغامها الهائلة التي تحقق الانقذاف إلى حيث يعمل المرء أنه يحمل عبء العالم على ظهره، ولكنه في الوقت نفسه ، كما بمعجزة، يحلق في الفضاء خفيفاً دونما خظة أو غاية- ولتذهب الخطط والغايات كلها إلى الجحيم....

هذه سراب ,, وهذه أنا .. وأنت نائل التي أبحث عنه في يوميات سراب عفّان ..

ليست هناك تعليقات: